الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة أوبرا عايدة: أسطورة فرعونية عن الحبّ والغيرة والانتقام تعيد مجد قرطاج

نشر في  06 جويلية 2018  (17:52)

أعمدة  ضخمة منتشرة على ركح المسرح الروماني في اشارة الى أعمدة المعابد، أوكسترا وافرة العدد تحتل ساحة المسرح أي المنطقة المخصصة للكراسي، هكذا كان المشهد قبل انطلاق  "أوبرا عايدة" للموسيقار الإيطالي "جوسيبي فيردي"، في عرض خاص قبل افتتاح مهرجان قرطاج الدولي في دورته الرابعة والخمسين وذلك  ليلة الخميس 05 جويلية 2018، سهرة أوبيرالية حضرها كل من رئيس الحكومة "يوسف الشاهد" و "محمد زين العابدين" وزير الشؤون الثقافية وعدد من أعضاء الحكومة وممثلي البعثات الديبلوماسية في تونس وعدد من الوجوه الإعلامية والفنية.

أكثر من 150 فنانا بين عازفين ومنشدين أوبراليين من أشهر أصوات الأوبرا في العالم، مع الكورال والراقصين حملوا جمهور المسرح الروماني في رحلة استثنائية جمعت ثقافة وحضارة الشرق والغرب، ونشير الى أن أوبرا عايدة" ضمت عددا من أركستر وأصوات أوبرا تونس، الأركستر السمفوني التونسي والأركستر السنفوني وكورال لوليو الترابنية للموسيقى تحت قيادة المايسترو "أندريا سيرتا"،  

وعلى مدار ساعتين ونصف تابع الجمهور الذي تحول بأعداد محترمة جدا الى المسرح الروماني بقرطاج عمل درامي موسيقي يتخلله حوار غنائي، ولوحات راقصة وأغاني تروي أسطورة "أوبرا عايدة" التي جسدت في 5 فصول الصراع بين الواجب والعاطفة، وقصة الحب والغيرة والدور التاريخي الذي لعبته المرأة في الصراعات بين الشعوب والأمم .

في بداية نشير الى أن قصة الأوبرا انطلقت حسب ما ذكره المؤرخون باكتشاف مخطوطات اوبرا عايدة من قبل عالم الآثار الفرنسي «اوجست ماريتا» في وادي النيل، والمخطوطة عبارة عن قصة من 4 صفحات، ألف قصتها ميريت باشا عالم المصريات الفرنسي الشهير، وكتب نصها الغنائي الليبرتوجيسلا نزوني وبعد ترجمتها سلمت إلى الموسيقار الإيطالي جويسابي فيردي سنة 1870 ليقوم بتأليف اوبرا عايدة بطلب من الخديوي إسماعيل، لكنها لم تجهز وقدمت لأول مرة سنة 1871 على مسرح دار الأوبرا القديمة الخديوي .

وتحكي الأوبرا قصة أميرة حبشية وقعت أسيرة في مصر، ثم أصبحت وصيفة لـ "آمنيريس"، ابنة الملك الفرعون. وتقع الفتاتان في حب رجل واحد "راداميس"، القائد الحربي المصري، الذي يبادل عايدة حبا كبيرا.

ويستمر القالب الدرامي للأوبرا في سرد الأحداث حيث تندلع الحرب بين مصر والحبشة، وتنتصر مصر ويطلبون من راداميس الزواج من ابنة الفرعون مكافأة له على الانتصار، فيسعى إلى الهرب مع حبيبته عايدة، ويفشي بعض الأسرار العسكرية لها دون قصد، فيعتبرونه خائنا لواجبه العسكري ويحكم عليه بالدفن حيا، وتلحق به عايدة وتموت بين ذراعيه في قبرهما.

ونشير الى أن الكلفة الجملية لتنفيذ «أوبرا عايدة»  بلغن حوالي مليون دينار تونسي  دون احتساب نفقات التنقل، وفق ما أكدته سيماء صمود مديرة قطب الموسيقى والأوبرا في مدينة الثقافة ،وقد تكفل الجانب الإيطالي بما قيمته 600 ألف دينار تونسي لتنفيذ هذا العرض الفني الضخم الذي قدم قبل عقود  في مصر، مع العلم أن ملابس العرض تم تنفيذها في تونس بإشراف أفضل مصممي الأزياء الإيطاليين، أما  الكوريغرافيا فكانت تحت إشراف  "رافاييلا دي فلوريو".  

ورغم أن البعض من الجمهور خيّر الانسحاب قبل انتهاء العرض، فان الأغلبية واصلت متابعة أحداث أوبرا عايدة والاستمتاع بالأصواتٍ الأوبرالية الإيطالية نسائية ورجالية بمشاركة كل من «ميتي ألبارولا» و«دانييلا دياكوفا» و«داريو برولا» و«جيوسيبي جارا» و«آنريكو رينالدو» و«لويسيانا بانسا» وكذلك جيسيبي آنفانتينو، مع العلم أن جنسيات مختلفة تابعت العرض خاصة من الايطاليين .

حب وغيرة ورغبة في الانتقام، ومشاعر متناقضة جسدت من خلال ألحان ولوحات راقصة وملابس فرعونية فخمة واكسسوارات ملكية تستحضر الحضارة المصرية الفرعونية القديمة، وكما نهاية كل قصص الحب الخالدة، جمع الموت عايدة وراداميس، كما جمع في السابق روميو وجولييت أو أنطونيو وكيلوباترا، ليسدل الستار على الأوبرا الأشهر والأكثر عرضا وتمثيلا حول العالم على مدى ما يقارب 150 سنة.

سناء الماجري